فصل: باب الهاء مع الباء

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: النهاية في غريب الحديث **


 حرف الهاء

 باب الهاء مع الهمزة

‏{‏ها‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث الرِّبا <لا تَبيعُوا الذَّهبَ بالذَّهب إلا هَاءَ وهَاء> هُو أن يَقُولَ كُلُّ واحِدٍ من البَيِّعيْن‏:‏ هاءَ ‏(‏في الأصل‏:‏ <ها> وما أثبت من ا، واللسان‏)‏ فيُعْطِيه ما في يَدِه، كَحديثِه الآخَر <إلا يَداً بِيَدٍ> يَعْني مُقابَضَةً في المَجْلس‏.‏

وقيل‏:‏ معناه‏:‏ هَاكَ وهَاتِ‏:‏ أي خُذْ وَأعْطِ‏.‏

قال الخطَّابي‏:‏ أصحابُ الحديث يَرْوُونه <هَا وهَا> ساكنَةَ الألِفِ ‏.‏والصواب مَدُّها وفَتْحُها، لأنّ أصْلَها هَاكَ‏:‏ أي خُذْ، فحُذِفَتِ الكاف وعُوِّضَتْ منها المَدَّة والهَمْزَة‏.‏ يقال للواحِد‏:‏ هَاء، وللاثْنين‏:‏ هَاؤُمَا، وللجميع‏:‏ هَاؤُم‏.‏

وغَيْرُ الخطَّابي يُجيز فيها السُّكون على حذف العِوَض، وتَتَنَزَّلُ مَنْزلة <هَا> التي للتَّنْبِيه‏.‏ وفيها لغات أخرى‏.‏

ومنه حديث عمر، لأبي موسى <هَا، وإلا جَعَلْتُك عِظَةً> أي هَاتِ مَن يَشْهَدُ لَك على قَوْلِك‏.‏

ومنه حديث علي <ها، إنّ ها هنا عِلْماً وأوْمَأَ بيَدِه إلى صَدْرِه، لَوْ أصَبْتُ له حَمْلَةً> هَا مَقْصُورة‏:‏ كلمة تَنْبيه للمخاطَب، يُنَبَّه بها على ما يُساقُ إليه من الكلام‏.‏ وقد يُقْسَم بها فيقال‏:‏ لا هَا اللَّهِ ما فَعَلْتُ‏:‏ أي لا واللَّهِ، أُبْدِلَتِ الهاء من الواو‏.‏

ومنه حديث أبي قَتادة يومَ حُنَين <قال أبو بكر: لا هَا اللَّهِ إذاً، لا يَعْمِدُ إلى أسَدٍ من أُسْد اللَّه، يُقاتِلُ عن اللَّه ورسوله فيُعْطيك سَلَبه> هكذا جاء الحديث <لا ها اللَّه إذاً> والصواب <لاَ هَا اللَّهِ ذا> بحذف الهمزة، ومعناه‏:‏ لا واللَّهِ لا يكونُ ذَا، أوْلا واللَّهِ الأمْرُ ذَا، فَحُذِفَ تَخْفيفا‏.‏ ولك في ألف <هَا> مَذْهَبان‏:‏ أحدُهُما تُثْبِتُ ألفَها؛ لأن الذي بَعْدَها مُدْغَمٌ، مِثْل دَابَّة، والثاني أنْ تَحْذِفَها لاْلتقاءِ السَّاكِنَيْن‏.‏

 باب الهاء مع الباء

‏{‏هبب‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <أنه قال لامْرأةِ رِفَاعة: لا، حتى تَذُوقِي عُسَيْلَتَه،

قالت: فإنه قد جاءني هَبَّةً> أي مَرَّةً واحِدَة، من هِبَاب الفَحْل، وهو سِفَادُه‏.‏

وقيل‏:‏ أرادَتْ بالهبَّة الوَقْعَةَ، من قولهم‏:‏ احْذَرْ هَبَّةَ السَّيف‏:‏ أي وقْعَتَه‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي بعض الحديث <هَبَّ التَّيْسُ> أي هَاج للسِّفاد‏.‏ يقال‏:‏ هَبَّ يَهِبُّ، يَهُبُّ ‏(‏بالكسر والضم، كما في القاموس‏)‏ هَبِيباً وَهِبَاباً‏.‏

وفي حديث ابن عُمر <فإذا هَبَّتِ الرِّكاب> أي قامَتِ الإبِلُ للسَّير‏.‏ يقال‏:‏ هَبَّ النَّائمُ هَبَّاً وهُبُوبا ‏[‏أي ‏(‏ساقط من ا، والنسخة 517‏)‏ ‏]‏ اسْتَيْقَظ‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <لقَد رأيتُ أصحابَ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يَهُبُّون إلَيْها كما يَهُبُّون إلى المَكْتُوبة> يَعْني رَكْعَتي المَغْرِب ‏(‏في الهروي‏:‏ <الفجر>‏.‏‏)‏‏:‏ أي يَنْهَضُون إليها‏.‏ والهِبَاب‏:‏ النَّشاط‏.‏

‏{‏هبت‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث قَتْل أُمَيَّة بن خَلَف وابْنه <فَهَبَتُوهما حتى فَرَغُوا منهما> أي ضَربُوهما بالسَّيْف‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث عمر <لمَّا مات عثمان بنُ مظعون على فِراشَه قال: هَبَتَه المَوْتُ عِندي مَنْزِلةً حَيْث لم يَمُتْ شَهيدا> أي حَطَّ من قَدْره في قلْبي‏.‏ وهَبَط وَهَبَتَ أخَوَان‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث معاوية <نُوْمُه سُبَاتٌ، ولَيْلُه هُبَات> هو من الهَبْت‏:‏ اللِّينِ والاسترخاء يقال‏:‏ في فلانٍ هَبْتَة ‏(‏ضبط في ا‏:‏ <هُبْتة> بالضم‏)‏‏:‏ أي َضعْف‏.‏

‏{‏هبج‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث أبي موسى <دُلُّوني على مَوْضع بئرٍ يُقْطَع (في الهروي: <تُقْطَع>‏)‏ به هذه الفَلاةُ، فقال‏:‏ هُوْبَجَةٌ تُنْبتُ الأرْطَى> الهَوْبَجَةُ‏:‏ بَطْنٌ من الأرض مُطْمَئِنٌّ‏.‏

‏{‏هبد‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث عُمر وَأمّه <فزَوَّدَتْنا من الهَبيد> الهَبيد‏:‏ الحَنْظَل يُكْسَر ويُسْتَخْرَجُ حَبُّه ويُنْقَع؛ لِتَذْهَب مَرَارَتُه، ويُتَّخَذ منه طَبيخٌ يُؤكَلُ عند الضَّرُورة‏.‏

‏{‏هبر‏}‏ *في حديث علي <انْظُرُوا شَزْراً واضرِبُوا هَبْراً> الهَبْرُ‏:‏ الضَّرْب والقَطْعُ وقد هَبَرْتُ له من اللَّحْم هَبْرَةً‏:‏ أي قَطَعْتُ له قِطْعة‏.‏

ومنه حديث عمر <أنه هَبَر المُنافِقَ حتى بَرَدَ>

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث الشُّرَاة <فَهَبَرْناهم بالسُّيوف>‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث ابن عباس <في قوله تعالى: <كَعَصْفٍ مَأْكول> قال‏:‏ هو الهَبُّورُ> قيل‏:‏ هو دُقاق الزَّرْع، بالنَّبَطِيَّة‏.‏

ويَحْتَمل أن يكون من الهَبْر‏:‏ القَطْع‏.‏

‏{‏هبط‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <اللهم غَبْطاً لا هَبْطاً> أي نَسْألُكَ الغِبْطَةَ ونَعُوذُ بك مِن الذُلِّ والإنْحِطاطِ والنُّزُول‏.‏ يقال‏:‏ هَبَط هُبُوطا، وأهْبَطَ غيرَه ‏(‏في ا‏:‏ <وهَبَطَ غَيْرَه> قال في القاموس‏:‏ <وَهَبَطَه، كَنَصَره: أنْزَلَه. كأهْبَطَه>‏)‏ ‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه شعر العباس‏:‏

ثم هَبَطْتَ البِلادَ لا بَشَرٌ أنْ ** تَ ولا مُضْعَةٌ ولا عَلَقُ

أي

لمَّا أهْبَطَ اللَّهُ آدَمَ إلى الدُّنيا كُنْتَ في صُلْبِه، غيرَ بالغٍ هذه الأشْياء‏.‏

‏{‏س‏)‏ وفي حديث ابن عباس في العَصْفِ المأكُول‏.‏ قال‏:‏ <هو الهَبُوطُ> هكذا جاء في رواية بالطاء‏.‏ قال سفيان‏:‏ هو الذَّرُّ الصَّغير‏.‏

وقال الخطّابي‏:‏ أُراه وَهْماً، وإنما هو بالراء‏.‏ وقد تقدم‏.‏

وفي حديث الطُّفَيْل بن عمرو <وأنا أَتَهبَّطُ إليهم من الثَّنيَّة> أي أتَحَدَّرُ‏.‏ هكذا جاء في الرواية‏.‏ وهو بمعنى أنْهَبِط وأهْبِط‏.‏

‏{‏هبل‏}‏ * فيه <مَن اهْتَبَل جَوْعَةَ مُؤْمِنٍ كان له كَيْتَ وكَيْتَ> أي تَحَيَّنَها واغْتَنَمَها، من الهُبَالَة ‏(‏هكذا ضُبِط بالضم في الأصل، واللسان‏.‏ وضبط في ا‏:‏ <الهَبالة> بالفتح‏)‏‏:‏ الغَنيمة‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث علي <واهْتَبَلُوا هَبَلَها>‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وحديث أبي ذر <فاهْتَبَلْتُ غَفْلَتَه>‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث الإفك <والنِّساء يَوْمَئِذٍ لم يُهَبِّلْهُنّ اللَّحْمُ> أي لم يَكْثُر عليهن يقال‏:‏ هَبَّلَه اللَّحْمُ، إذا كَثُر عليه وركِب بعضُه بعضاً‏.‏ ويقال للمُهَيَّجِ المُرَبَّلِ‏:‏ مُهَبَّل، كأن به وَرَماً من سِمَنِه‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث عمر، حين فَضَّل الوَادِعيُّ سُهْمانَ الخَيل على المَقاريف، فأعْجَبه فقال‏:‏ <هَبِلَتِ الوادِعيَّ أُمُّه، لقد أذْكَرَتْ به> يقال‏:‏ هَبِلَتْه أمُّه تَهْبَلُه هَبَلاً، بالتحريك‏:‏ أي ثَكِلَتْه هذا هو الأصلُ‏.‏ ثم يُسْتَعْمل في معنى المَدْح والإعْجاب يعني ما أعْلَمَه وما أصَوبَ رأيه‏!‏ كقَوله عليه الصلاة والسلام <ويْلُمِّه مِسْعَرُ حَرْب> وقول الشاعر ‏(‏هو كعب بن سعد الغنوي يرثي أخاه الصحاح واللسان ‏(‏هوى‏)‏ وفيهما‏:‏ <وماذا يؤدِّي اللَّيلُ>‏.‏‏)‏‏:‏

هَوَتْ أمُّه ما يَبْعَثُ الصُّبْحُ غادِياً ** وماذا يُرَى في اللَّيل حين يُؤُوبُ

وقوله‏:‏ <أذكَرَتْ به>‏:‏ أي ولَدَتْه ذَكَراً من الرِّجال شَهْماً‏.‏

ومنه حديثه الآخر <لأمِّك هَبَلٌ> أي ثُكْلٌ ‏(‏في الأصل، واللسان‏:‏ <ثَكَلٌ...الثَّكَل> وضبطت بالضم من ا‏.‏ وهو بوزن قُفْل، كما في المصباح وذكر صاحب القاموس أنه بالضم‏.‏ قال‏:‏ ويُحَرَّك‏)‏

‏(‏س‏)‏ وحديث الشَّعبْيّ <فقيل لي: لأُمِّك الهَبَلُ>‏.‏

ومنه حديث أم حارثة بن سُراقة <ويْحَكِ، أوْهَبِلْتِ؟> هو بفتح الهاء وكسر الباء‏.‏ وقد استعاره ها هنا لفَقْد المَيْز والعَقْل مما أصابها من الثُّكْل ‏(‏في الأصل، واللسان‏:‏ <ثَكَلٌ...الثَّكَل> وضبطت بالضم من ا‏.‏ وهو بوزن قُفْل، كما في المصباح وذكر صاحب القاموس أنه بالضم‏.‏ قال‏:‏ ويُحَرَّك‏)‏ بوَلَدِها، كأنه قال‏:‏ أفَقَدْتِ عَقْلَكِ بفَقْد ابْنِك، حتى جَعَلْتِ الجِنانَ جَنَّةً واحدةً‏؟‏‏.‏

ومنه حديث علي <هَبِلَتْهُم الهَبُولُ> أي ثَكِلَتْهم الثَّكُول، وهي - بفتح الهاء - من النساء التي لا يَبْقى لها وَلَدٌ‏.‏

وفي حديث أبي سفيان <قال يوم أحُد : اُعْلُ هُبَلُ> هُبَل بضم الهاء‏:‏ اسم صَنَم لهم معروف كانوا يَعْبُدونه‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <الخَيْرُ والشَّرُّ خُطَّا (في الهروي: <حَظٌّ>‏)‏ لابن آدَمَ وهو في المَهْبِل> وهو بكسر الباء‏:‏ موضعُ الوَلدِ من الرَّحِم‏.‏ وقيل‏:‏ أقْصاه‏.‏

وفي حديث الدجّال <فتَحْمِلُهم فتَطْرحهم بالمَهْبِل> هو الهوَّة الذاهِبةُ في الأرض‏.‏

‏{‏هبلع‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في شِعر خُبيب بن عَدِيّ‏:‏

جَحْم نارٍ هَبَلَّعِ ‏(‏البيت بتمامه، كما في السيرة النبوية، لابن هشام 3/185‏:‏

وما بِي حِذارُ الموتِ إنِّي لَمَيِّتٌ ** ولكن حِذارِي جَحْمُ نارٍ مُلَفّعِ

وفي الأصل، وا، واللسان‏:‏ <حجم> بتقديم المهملة على المعجمة‏.‏ وأثبته بتقديم المعجمة على المهملة من السيرة‏.‏ والجحم‏:‏ اضطرام النار

وفي اللسان‏:‏ <هِبْلَع> قال صاحب القاموس‏:‏ الهَبَلَّعُ، كعَمَلَّسٍ وقِرْطاسٍ ودِرْهَم‏:‏ الأكول العظيم اللَّقْم‏.‏‏)‏ *

الهَبَلَّعُ‏:‏ الأكُول‏.‏ وقيل‏:‏ إن الهاء زائدة، فيكون من البَلْع‏.‏

‏{‏هبنقع‏}‏ ‏(‏س‏)‏ فيه <مَرَّ بامرأة سَوْدَاء تُرَقِّصُ صَبِيّاً لها وتقول (انظر مادة (ذأل) فيما سبق):

يَمْشي الثَّطَا ويَجْلِس الهَبَنْقَعهْ *

هي أن يُقْعِيَ ويَضُمَّ فَخِذَيه ويَفْتَح رِجْليه والهَبَنْقَع والهُبَاقع: القصير المُلَزَّزُ الخَلْق، والنُّونُ زائِدَة.

ومنه حديث الزِّبْرِقان <تَمْشِي الدِّفِقَّى وتَقْعُدُ الهَبَنْقَعَة>‏.‏

‏{‏هبهب‏}‏ ‏(‏س‏)‏ فيه <إن في جهَنّم وادِياً يقال له: هَبْهَبُ، يَسْكُنه الجبَّارون> الهَبْهَبُ‏:‏ السَّريع‏.‏ وهَبْهَبَ السَّرابُ، إذا تَرَقْرَقَ‏.‏

‏{‏هبا‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث الصَّوم <وإن حال بَيْنَكم وبَيْنَه سَحابٌ أو هَبْوَةٌ فأكْمِلُوا العِدّة> أي دُون الهلال‏.‏ والهَبْوَةُ‏:‏ الغَبَرة‏.‏ ويُقالُ لِدُقاقِ التُّراب إذا ارْتَفَع‏:‏ هَبا يَهْبُو هَبْواً‏.‏

وفي حديث الحسن <ثم اتَّبَعَه من النَّاس رَعاعٌ (ضبط في الأصل: <رِعاع> بالكسر‏.‏ وهو خطأ شائع‏)‏ هَبَاءٌ> الهباء في الأصل‏:‏ ما ارْتَفع من تَحْت سَنابِك الخَيْل، والشَّيءُ المُنْبَثُّ الَّذي تَراه في ضَوْء الشمسِ، فَشَبَّه به أتْباعه‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث سُهَيل بن عمرو <أقْبَلَ يَتَهَبَّى كأنه جَملٌ آدَمُ> التَّهَبِّي‏:‏ مَشْيُ المُخْتال المُعْجِب، من هَبا يَهْبُو هَبْواً، إذا مَشَى مَشْياً بطيئا‏.‏ وجاء يَتَهَبَّى، إذا ‏(‏هذا شرح الأصمعي، كما ذكر الهروي‏.‏‏)‏ جاء فارِغاً يَنْفُضُ يَدَيْه‏.‏

وفيه <أنه حَضَر ثَرِيدَةً فَهَبَّاها> أي سَوَّى مَوْضِعَ الأصابِع منها‏.‏ كذا رُوِيَ وشُرِحَ‏.‏

 باب الهاء مع التاء

‏{‏هتت‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث إراقَةِ الخمر <فَهَتَّها في البَطْحاءِ> أي صَبَّها على الأرض حَتَّى سُمِعَ لَها هَتِيتٌ‏:‏ أي صَوْت‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <أقْلِعُوا عَن الَمعاصِي قَبْل أنْ يأخُذَكُم اللَّهُ فيَدَعَكُم هَتّاً بَتّاً> الهَتُّ‏:‏ الكَسْر‏.‏ وَهَتَّ وَرَقَ الشَّجَر، إذا أخَذَه‏.‏ والبَتُّ‏:‏ القَطْع‏.‏ أي قَبْلَ أنْ يَدَعَكُم هَلْكَى مَطْرُوحين مَقْطُوعين‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث الحسَن <واللَّه ما كانوا بالهَتَّاتِينَ، ولكنَّهم كانوا يَجْمَعون الكَلامَ ليُعْقَلَ (في الهروي: <فيعقل>‏.‏‏)‏ عنهم> الهَتَّاتُ‏:‏ المِهْذَارُ‏.‏ وهَتَّ الحديث يَهُتُّهُ هَتَّاً، إذا سَرَدَه وتابَعه‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه الحديث <كان عَمْرو بن شُعَيب وفُلان يَهُتَّان الكَلام>‏.‏

‏{‏هتر‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <سَبَق المُفَرِّدون (في الأصل واللسان: <المُفْرِدُون> بالكسر والتخفيف‏.‏ وفي الهروي‏:‏ <المُفْرَدُون> بالفتح والتخفيف‏.‏ وضبطته بالكسر مع التشديد من ا، ومما سبق في مادة ‏(‏فرد‏)‏ وهي رواية مسلم ‏(‏باب الحث على ذكر اللَّه تعالى، من كتاب الذكر والدعاء والاستغفار>، قالوا‏:‏ وما المُفَرِّدون ‏(‏في الأصل واللسان‏:‏ <المُفْرِدُون> بالكسر والتخفيف‏.‏ وفي الهروي‏:‏ <المُفْرَدُون> بالفتح والتخفيف‏.‏ وضبطته بالكسر مع التشديد من ا، ومما سبق في مادة ‏(‏فرد‏)‏ وهي رواية مسلم ‏(‏باب الحث على ذكر اللَّه تعالى، من كتاب الذكر والدعاء والاستغفار>‏؟‏ قال‏:‏ الذين أُهْتِرُوا في ذكر اللَّه عَزَّ وجَلّ> وفي رواية <المُسْتَهْتَرُون بِذكْر اللَّه> يَعْني الذين أُولِعُوا به‏.‏ يُقال‏:‏ أُهْتِرَ فُلان بكذا، واسْتُهْتِر، فهو مُهْتَرٌ به، ومُسْتَهْتَر‏:‏ أي مُولَع به لا يَتَحَدّث بغَيره، ولا يَفْعَلُ غَيرَه‏.‏

وقيل‏:‏ أردَ بقَوله <أُهْتِرُوا في ذكر اللَّه> كَبِرُوا في طاعَتِه وهَلَكَت أقْرانُهم، من قولهم‏:‏ أُهْتِرَ الرجُل فهو مُهْتَر، إذا سَقَط في كلامِه من الكِبَرِ‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه الحديث <المُسْتَبَّانِ شَيْطانَانِ، يَتَهاتَرانِ ويَتَكاذَبانِ> أي يَتَقاوَلانِ ويَتَقابِحَانِ في القَوْل‏.‏ من الهِتْر، بالكَسْر، وهو الباطِل والسَّقَط من الكلام‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث ابن عمر <أعوذُ بِك أن أكُونَ مِن المُسْتَهْتَرِين> أي المُبْطِلين في القَول والمُسْقِطِين في الكَلام‏.‏

وقيل‏:‏ الذَّين لا يُبالُون ما قِيلَ لهُم وما شُتِمُوا به‏.‏

وقيل‏:‏ أراد المُسْتَهْتَرِينَ بالدُّنْيا‏.‏

‏{‏هتف‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث حُنَين <قال: اهْتْف بالأنْصار> أي نادِهِم وادْعُهُم‏.‏ وقد هَتَف يَهْتِف هَتْفاً‏.‏ وهَتَفَ به هِتافا، إذا صاح به وَدَعاه‏.‏

ومنه حديث بدر <فَجَعل يَهْتِف بِرَبِّه> أي يَدْعُوه يُنَاشِدُه‏.‏

‏{‏هتك‏}‏ * في حديث عائشة <فهَتَك العَرْصَ (في اللسان: <العِرْض> وانظر الخلاف فيه في مادة ‏(‏عرص‏)‏ فيما سبق‏)‏ حتى وقَعَ بالأرض> الهَتْك‏:‏ خَرْق السِّتْر عَمَّا وَرَاءه وقد هَتَكَه فانْهَتَك، والاسْم‏:‏ الهُتْكَة‏.‏ والهَتِيكَةُ‏:‏ الفَضيحةُ‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث نَوْف البِكَاليِّ <كُنْتُ أبِيتُ عَلَى باب دَارِ عَليِّ، فلمّا مَضَتْ هُتْكَةٌ من اللَّيل قُلْتُ كَذا> الهُتْكَةُ‏:‏ طائِفة من اللَّيل‏.‏ يُقال‏:‏ سِرْنا هُتْكَةً من الليل، كأنه جَعَل اللَّيْلَ حِجَاباً، فُكُلّمَا مَضَى مِنْه ساعةٌ فقد هُتِكَ بها طائِفةٌ مِنْه‏.‏

‏{‏هتم‏}‏ ‏(‏س‏)‏ فيه <أنه نَهَى أَنْ يُضَحَّى بِهَتْمَاءَ> هي التَّي انْكَسَرت ثَناياهَا مِنْ أصْلِها وانْقَلَعَت‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه الحديث <أنَّ أبا عُبَيدَة كان أهْتَمَ الثَّنايَا> انْقَطَعَتْ ثَناياهُ يومَ أحُدٍ لمَّا جَذَب بها الزَّرَدَتَيْن اللَّتَيْن نَشِبتَا في خَدِّ رسُول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم‏.‏

 باب الهاء مع الجيم

‏{‏هجد‏}‏ *في حديث يَحْيى بن زكَريَّا عليهما السَّلام <فنَظر إلى مُتَهَجِّدي عُبَّاد بَيْتِ المَقْدِس> أي المُصَلِّين بالليل‏.‏ يُقال‏:‏ تَهَجَّدْتُ، إذا سَهِرْتَ، وإذا نِمْتَ، فهو من الأضْداد‏.‏ وقد تكرر ذكره في الحديث‏.‏

‏{‏هجر‏}‏ ‏(‏س‏)‏ فيه <لا هَجْرةَ بعد الفَتْح، ولكِنْ جِهَادٌ ونِيَّة>‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث آخر <لا تَنْقَطِع الهِجْرةُ حتَّى تَنْقَطِعَ التَّوبَة> الهِجْرة في الأصْل‏:‏ الاسْم من الهَجْرِ، ضِدّ الوَصْلِ‏.‏ وقد هَجَره هَجْراً وهِجْراناً، ثُم غَلَب على الخُرُوج من أرض إلى أرض، وتَركِ الأولى للثَّانية‏.‏ يُقال منه‏:‏ هاجَر مُهاجَرةً‏.‏

والهِجْرَة هِجْرتَان‏:‏ إحْدَاهُما التّي وَعَدَ اللَّه عليها الجنّة في قوله <إنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِن المؤمنين أنْفُسَهُمْ وأمْوالَهم بأنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ> فكَان الرَّجُل يَأتي النبيَّ صلى اللَّه عليه وسلم ويَدَعُ أهْلَه وَمَاله، لا يَرْجِع في شيء منه، ويَنْقَطِع بِنَفْسه إلى مُهاجَرِه، وكان النبيُّ صلى اللَّه عليه وسلم يَكْرَه أن يَمُوت الرَّجُلُ بالأرض التي هَاجَر منها، فَمِن ثَمَّ قال‏:‏ <لكِن البَائِس سَعْد بنُ خَوْلَةَ> يَرْثي له رسولُ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أنْ ماتَ بِمَكّة‏.‏ وقال حين قدم مكة‏:‏ <اللّهم لا تَجْعَل مَنَايَانَا بِهَا> فلمَّا فُتِحَتْ مَكّةُ صارَت دَارَ إسْلام كالمدِينَة، وانْقَطَعت الهِجْرَة‏.‏

والهِجْرة الثَّانِيَة‏:‏ مَن هَاجَر مِن الأعْرابِ وغَزَا مع المُسْلمين، ولم يفعل كما فَعَل أصْحابُ الهِجْرة الأولى، فهو مُهاجِر، ولَيْس بِدَاخِل في فَضْل من هاجَر تِلْك الهِجْرَة، وهُو المرادُ بقوله‏:‏ <لا تنْقَطِع الهجرةُ حتى تَنْقَطِع التَّوبَة>‏.‏

فهَذا وجْه الجَمْع بَيْن الحديثين‏.‏ وإذا أُطْلِق في الحديث ذِكْرُ الهِجْرَتَيْن فإنما يُرَادُ بهما هِجْرةُ الحَبَشَة وهجْرةُ المدينة‏.‏

ومنه الحديث <سَتَكون هجْرَةٌ بَعْدَ هِجْرة، فَخِيَار أهْل الأرض ألْزَمُهُم مُهَاجَرا إبراهيم> المُهَاجَر، بفتح الجيم‏:‏ موضِع المُهاجَرَة، ويُريدُ به الشّام؛ لأنَّ إبراهيم عليه السلام لَمَّا خَرج من أرض العرَاق مَضَى إلى الشَّام وأقام به‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث عمر <هَاجِرُوا ولا تَهَجَّروا> أي أخْلِصُوا الهِجْرةَ للَّه، ولا تَتَشَبَّهوا بالمهاجِرين على غَيْر صحَّة منكم‏.‏ يقال‏:‏ تَهَجَّر وتَمَهْجَر، إذا تَشَبَّه بالمُهاجِرين‏.‏

وقد تكرر ذِكْر هذه الكَلِمَة في الحديث، اسْماً وفِعْلا، ومُفْرداً وجَمْعاً‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفيه <لا هِجْرَةَ بَعْد ثلاثٍ> يريد به الهَجْر ضِدّ الوَصل يَعْني فيما يَكُون بَيْن المسلمين من عَتْب ومَوْجِدَة، أو تَقْصِيرٍ يَقَع في حُقُوق العِشْرَة والصُّحْبَة، دونَ ما كان من ذلك في جانب الدِّين، فإنَّ هِجْرة أهْلِ الأهْواء والبِدَع دَائمة على مَرِّ الأوقاتِ، ما لم تَظْهر منْهُم التَّوْبة والرُّجُوع إلى الحقِّ، فإنَّه صلى اللَّه عليه وسلم لما خاف على كعْب بن مالك وأصحابه النِّفاقَ حين تَخَلّفوا عن غَزْوة تَبوك أمَر بِهِجْرانِهم خَمْسين يَوْماً وقد هَجَر نِساءَه شَهراً، وهَجَرت عائشة ابنَ الزُّبَير مُدَّة وَهَجر جَمَاعةٌ من الصحابة جَماعةً منهم وماتُوا مُتَهاجِرِين‏.‏ ولعلّ أحَدَ الأمْرَيْن مَنْسُوخٌ بالآخَر‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث <من الناسِ من لا يَذْكُر اللَّهَ إلا مُهاجِراً> يريد هِجْرَان القَلْب وتَرْكَ الإخْلاص في الذِّكْر‏.‏ فكأنَّ قَلْبَه مُهاجرٌ للسَانه غَيْرُ مواصلٍ له‏.‏

ومنه حديث أبي الدرداء <ولا يَسْمَعون القُرآنَ إلا هَجْراً (في ا، واللسان: <هُجْرا> بالضم>‏)‏ يريدُ التَّرْكَ لَهُ والإعْراضَ عنه‏.‏ يقال‏:‏ هَجَرْتُ الشَّيءَ هَجْراً ‏(‏في اللسان‏:‏ <هُجْرا> بالضم أيضا>‏)‏ إذا تَرَكْتَه وأغْفَلْتَه‏.‏

ورواه ابنُ قُتَيْبَة في كتابه <ولا يَسْمَعون القَوْلَ إلا هُجْراً> بالضم‏.‏ وقال‏:‏ هو الخَنَا والقَبيحُ من القول‏.‏

قال الخَطَّابي‏:‏ هذا غَلَطٌ في الرواية والمعنى، فإن الصحيح من الرواية <ولا يسْمَعون القرآن>‏.‏ ومَن رَواه <القَوْلَ> فإنما أراد به القرآن فَتَوهَّم أنه أراد به قَوْلَ الناس‏.‏ والقرآنُ ليْسَ من الخَنَا والقَبيحِ من القَول‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <كُنت نَهَيْتُكم عن زيارة القُبُور فزُورُوها ولا تَقُولوا هُجْراً> أي فُحْشا‏.‏ يقال‏:‏ أهْجَر في مَنْطقه يُهْجِرُ إهْجاراً، إذا أفْحَش‏.‏ وكذلك إذا أكثر الكلام فيما لا ينبغي‏.‏

والاسم‏:‏ الهُجْر، بالضم‏.‏ وهَجَر يَهْجُر هَجْراً ‏(‏ضبط في الأصل‏:‏ <هَجَراً> بفتحتين‏.‏ وليس في المعاجم‏)‏، بالفتح، إذا خَلَط في كلامه، وإذا هَذَى‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث <إذا طُفْتُم بالبَيْت فلا تَلْغُوا ولا تَهْجِرا> يُروَى بالضم والفتح، من الفُحْش والتخليط‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث مَرضِ النبي صلى اللَّه عليه وسلم <قالوا: ما شأنُه؟ أهَجَرَ؟> أي اخْتَلَف كلامُه بسبب المرضِ، على سبيل الاستفهام‏.‏ أي هل تَغَيَّر كلامُه واخْتَلَط لأجل ما به من المرض‏؟‏ وهذا أحْسَنُ ما يقال فيه، ولا يُجْعل إخباراً، فيكون إمَّا من الفُحْش أو الهَذَيان‏.‏ والقائل كانَ عُمَر، ولا يُظَنُّ به ذلك‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <لو يَعْلَمُ الناسُ ما في التَّهْجير لاسْتَبَقُوا إليه> التَّهْجير‏:‏ التَّبْكِيرُ إلى كُلِّ شيء والمُبادَرَة إليه‏.‏ يقال‏:‏ هَجَّر يُهَجِّر تَهْجيراً، فهو مُهَجِّر، وهي لُغَةٌ حجازِيَّة، أرادَ المبادَرة إلى أوَّلِ وقت الصلاة‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث الجمعة <فالمُهَجِّر إليها كالمُهْدِي بَدَنَةً> أي المُبَكِّر إليها‏.‏ وقد تكررت في الحديث‏.‏

وفيه <أنه كان يُصَلِّي الهَجِيرَ حين تَدْحَضُ الشمس> أراد صلاةَ الهَجِير، يعني الظُّهْر، فحَذَف المضاف‏.‏ والهَجير والهاجِرة‏:‏ اشتدادُ الحَرِّ نصفَ النهار‏.‏ والتهجيرُ، والتَهَجُّر، والاهجار‏:‏ السَّيْر في الهاجِرَة‏.‏ وقد هَجَّر النهارُ، وهَجَّر الراكب، فهو مَهَجِّر‏.‏

ومنه حديث زيد بن عمرو <وهل مُهَجِّرٌ كمن قال؟> أي هل مَن سار في الهاجِرة كمن أقام في القائلة‏؟‏ وقد تكرر في الحديث، على اختلاف تَصَرُّفه‏.‏

وفي حديث معاوية <مَاءٌ نَمِيرٌ ولَبَنٌ هَجيرٌ> أي فائقٌ فاضل‏.‏ يقال‏:‏ هذا أهْجَرُ من هذا‏:‏ أي أفضل منه ويقال في كل شيء‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث عمر <ماله هِجِّيرَى غَيْرَها> الهِجِّيرُ والهِجِّيرَى‏:‏ الدَّأبُ والعَادَةُ والدَّيْدَنُ‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديثه أيضا <عَجِبْتُ لتَاجِرِ هَجَرٍ وَرَاكِبِ البحر> هَجَرٌ‏:‏ اسْمُ بَلَدٍ معروف بالبَحْرَيْن، وهو مُذَكَّر مَصْروفٌ، وإنما خَصَّها لِكَثْرة وبَائِها‏.‏ أي إنَّ تاجِرَهَا وراكِبَ البحر سواءٌ في الخَطَر‏.‏ فأمَّا هَجَر التي تُنْسَب إليها القِلالُ الهَجَريَّة فهي قَرْية من قُرَى المدينة‏.‏

‏{‏هجرس‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <أنّ عُيَيْنة بن حِصْن مَدّ رجْلَيْه بين يَدَي رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، فقال له فلان (هو أُسَيْد، كما صرَّح به الهروي. والزمخشري في الفائق 3/194): يا عَيْنَ الهِجْرِس، أتَمُدّ رِجْلَيْك بين يَدَيْ رسول اللَّه؟> الهِجْرِسُ‏:‏ وَلَدُ الثعلب‏.‏ والهِجْرسُ أيضا‏:‏ القِرْد‏.‏

‏{‏هجس‏}‏ ‏(‏س‏)‏ فيه <وما يَهْجِسُ(هكذا بالكسر في الأصل، وا، والقاموس، ضبط القلم ونص صاحب المصباح على أنه من باب قتل.) في الضمائر> أي ما يَخْطُر بها ويَدُورُ فيها من الأحاديث والأفكار‏.‏

ومنه حديث قُباث <وما هو إلا شَيءٌ هَجَس في نَفْسِي>‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث عمر <فدعا بِلَحْمٍ عَبِيط وخُبْزٍ مُتَهَجِّس> أي فطَيرٍ لَم يَخْتَمِر عَجِينُه‏.‏ ورواه بعضُهم بالشين، وهو غَلَط‏.‏

‏{‏هجع‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث الشُّورَى <طَرَقَنِي بَعْد هَجْعٍ من الليلِ> الهَجْعُ والهَجْعَة والهَجيعُ‏:‏ طائفةٌ من اللَّيل‏.‏والهُجُوعُ‏:‏ النَّومُ لَيْلاً‏.‏

‏{‏هجل‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <دَخَل المسْجدَ وإذَا فِتْيَةٌ من الأنصار يَذْرَعُون المسجدَ بِقَصَبَةٍ، فأخَذ القَصَبَة فَهَجَلَ بها> أي رَمَى بها‏.‏ قال الأزهري‏:‏ لا أعْرِفُ هَجَلَ بمعنى رَمَى، ولَعلَّه نَجَل ‏[‏بها‏]‏ ‏(‏زيادة من ا، والهروي‏)‏

‏{‏هجم‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <إذا فَعَلْتَ ذلك هَجَمَت له العَيْنُ> أي غَارَت ودَخَلَت في مَوضِعها‏.‏ ومنه الهُجُوم على القُوْم‏:‏ الدُّخُول عليهم‏.‏

وفي حديث إسلام أبي ذر <فضَمَمْنا صِرْمَتَه إلى صِرْمَتِنا فكانَتْ لنا هَجْمَة> الهَجْمة منَ الإبل‏:‏ قَريبٌ من المائة‏.‏

‏{‏هجن‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في صِفَة الدّجال <أزْهَرُ هِجانٌ> الهِجَان‏:‏ الأبْيض‏.‏ ويَقَع على الواحِد والاثْنَين والجَميع والمؤنَّث، بلَفْظٍ واحِد‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث الهِجرة <مَرَّا بَعَبْدٍ يَرْعَى غَنَما، فاسْتسْقَاهُ من اللَّبَن، فقال: واللَّهِ مالِي شَاةٌ تُحْلَب غَيْرَ عَنَاقٍ حَمَلَت أوّلَ الشِّتاء فَما بها لَبَن وقد اهْتُجِنَتْ، فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: ائتِنَا بِها> اهْتُجِنَتْ‏:‏ أي تَبَيَّن حَمْلُها‏.‏ والهَاجِنُ‏:‏ التي حَمَلتْ قبلَ وقتِ حَمْلِها‏.‏

وقال الجوهري‏:‏ <اهْتُجِنَتِ الجارية، إذا وُطِئتْ وهي صغيرة> وكذلك الصغيرة من البهائم وقد هَجَنَتْ هي تَهْجِنُ، تَهْجُنُ‏(‏بالكسر والضم كما في القاموس‏)‏ هُجُونا‏.‏ واهْتَجَنَها الفَحْل، إذا ضَرَبَها فألقَحها‏.‏

ومنه قصيد كعب

حَرْفٌ أخُوها أبُوها مِن مُهْجَّنَةٍ *

أي حُمِلَ عليها في صِغَرِها‏.‏

وقيل‏:‏ أراد بالمُهَجَّنة أنها مِن إبِلٍ كِرام‏.‏ يقال‏:‏ امرأةٌ هِجَان، وناقةٌ هِجَان كَرِيمة‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث علي

هذا جَنَايَ وَهِجَانُه فيهْ *

أي خالِصُه وخِيَارُه‏.‏ هكذا جاء في رواية ‏(‏انظر مادة ‏(‏جنى‏)‏ فيما سبق‏)‏ والهَجينُ في الناس والخَيْلِ إنما يكون من قِبَلِ الأمّ، فإذا كان الأبُ عَتِيقاً والأمُّ لَيْسَتْ كذلك كانَ الوَلَدُ هَجِيناً‏.‏ والإقْرافُ من قِبَلِ الأبِ‏.‏

‏{‏هجا‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <اللهم إنَّ عَمْرو بن العاص هجانِي وهو يَعْلم أنِّي لسْتُ بشاعِر، فاهْجُه، اللهم والْعَنْه عَدَدَ ما هَجانِي، أو مكانَ ما هَجاني> أي جازِه على الهِجَاء جَزاء الهِجَاء‏.‏ وهذا كقوله <من يُرَائِي يُرائِي اللَّه به> أي يُجازِيه على مُراآتِه‏.‏

 باب الهاء مع الدال

‏{‏هدأ‏}‏ ‏(‏س‏)‏ فيه <إيَّاكُم والسَّمَرَ بَعْدَ هَدْأةِ الرِّجْل> الهَدْأة وَالهُدُوء‏:‏ السُّكون عن الحَرَكاتِ‏.‏ أي بعد ما يَسْكُن الناسُ عن المَشْي والاخْتلافِ في الطُّرُق‏.‏

ومنه حديث سَواد بن قارب <جاءني بَعْدَ هَدْءٍ من الليل> أي بَعْد طائفة ذَهَبَتْ منه‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث أم سُلَيم <قالت لأبي طلحة عن ابْنِها: هو أهْدَأُ مما كان> أي أسْكَنُ، كَنَتْ بذلك عن المَوْت،، تَطْيِيباً لِقَلْب أبيه‏.‏

‏{‏هدب‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في صفته صلى اللَّه عليه وسلم <كان أهْدَبَ الأشْفارِ> وفي رواية <هَدِبَ الأشْفارِ> أي طَويلَ شَعَر الأجفانِ‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث زِياد <طَويلُ العُنُقِ أهْدَبُ>‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث وفْد مَذْحِج <إنَّ لَنا هُدَّابَها> الهُدَّاب‏:‏ وَرَق الأرْطَى‏.‏ وكُلُّ ما لم يَنبَسِط وَرَقُه، كالطَّرْفاء والسَّرْوِ، وَاحدَتُها‏:‏ هُدَّابَة‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه الحديث <كأنِّي أنظُر إلى هُدَّابِها> هُدْبُ الثَّوب، وهُدْبتُه، وَهُدَّابُه‏:‏ طَرَفُ الثَّوْب مما يَلِي طُرَّتَه‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث امرأة رِفاعة <إنَّ ما (في الأصل: <إنما> وما أثبت من ا، واللسان‏.‏‏)‏ مَعَه مِثلُ هُدْبَة الثَّوْب> أرَادَتْ مَتَاعَه، وأنه رِخْوٌ مثلُ طَرَف الثَّوب، لا يُغْني عنها شيئاً‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث المغيرة <له أذُنٌ هَدْباءُ> أي مُتَدَلِّية مُسْتَرخِيَة‏.‏

وفيه <ما منْ مُؤمن يَمْرَضُ إلا حَطَّ اللَّهُ هُدْبَةً (في ا: <هِدْبة> بالكسر‏)‏ مِن خَطايَاه> أي قِطْعَة منها وطائفَة‏.‏

قال الزمخشري‏:‏ <هي مِثْل الهِدْفَة، وهي القِطْعَةُ، وَهَدَبَ الشَّيءَ، إذا قَطَعَه، وهَدَب الثَّمَرة، إذا اجْتَناها (في الفائق 3/197: <قطفها>‏.‏>‏)‏ يَهْدِبُها هَدْباً‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث خبَّاب <ومِنَّا مَن أيْنَعَتْ له ثَمَرتُه فهو يَهْدِبُها> أي يَجْنيها‏.‏

‏{‏هدج‏}‏ *في حديث علي <إلى أن أبْتَهَج بها الصَّغِيرُ وهَدَجَ إليها الكَبير> الهَدَجَانُ بالتحريك‏:‏ مِشْيَة الشَّيخ‏.‏ وقد هَدَجَ يَهْدِج، إذا مَشَى مَشْياً في ارْتِعاش‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه الحديث <فإذا شَيْخٌ يَهْدِج>‏.‏

‏{‏هدد‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <اللهم إني أعوذ بك من الهَدِّ والهَدَّة> الهَدُّ‏:‏ الهَدْم، والهَدَّة‏:‏ الخَسْف‏.‏

ومنه حديث الاستسقاء <ثم هَدَّتْ ودَرَّتْ> الهَدَّة‏:‏ صَوْتُ ما يَقَع من السَّحاب‏.‏ يُرْوَى <هَدَأتْ> أي سَكَنَت‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفيه <إن أبا لهب قال: لَهدَّ مَا سَحَركُم صاحِبُكُم> لَهدَّ‏:‏ كَلمة يُتَعَجَّب بها‏.‏

يقال‏:‏ لَهَدَّ الرجُلُ‏:‏ أي ما أجْلَدَه‏!‏ ويقال‏:‏ إنه لَهَدَّ الرجُلُ‏:‏ أي لَنِعْم الرجُل، وذلك إذا أثْنِي عَليه بِجَلَدٍ وشِدَّةٍ، واللام للتأكيد‏.‏

وفيه لغتان‏:‏ منهم مَن يُجْريه مُجْرَى المَصْدر،فلا يُؤنِّثُه ولا يُثَنِّيه ولا يَجْمَعه، ومنهم من يُؤنِّث ويُثَنِّي ويَجْمَع، فيقول‏:‏ هَدَّاكَ، وهَدُّوكَ، وهَدَّتْك‏.‏

‏{‏هدر‏}‏ ‏(‏س‏)‏ فيه <أن رجلا عَضَّ يَدَ آخَر، فنَدَرَ سِنُّه فأهْدَرَه> أي أبْطَلَه‏.‏ يقال‏:‏ ذَهَبَ دَمُه هَدَرَاً وهَدْراً، إذا لم يُدْرَك بثأرِه‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه الحديث <مَنِ اطَّلَع في دَارِ [قَوْمٍ] (زيادة من ا، وهي في مسند أحمد 2/385، 414، 527 من حديث أبي هريرة) بغَير إذْنٍ فقد هَدَرَتْ عَيْنُه> أي إنْ فَقَأوها ذَهَبَتْ باطِلةً لا قِصاصَ فيها ولا دِيَة‏.‏ يقال‏:‏ هَدَرَ دَمُه يَهْدِرُ، يَهْدُرُ ‏(‏بالكسر والضم، والمصدر‏:‏ هَدْراً، وهَدَراً، كما في القاموس‏)‏ هَدْراً، هَدَراً‏:‏ أي بَطَلَ‏.‏ وأهْدَره السلطان‏.‏

وفيه <هَدَرْتَ فأطْنَبْتَ (في ا: <فأطنيت> بياء مثناة تحتية>‏)‏ الهَدير‏:‏ تَرْدِيدُ صَوْتِ البَعير في حَنْجَرَتِه‏.‏

وفي حديث مُسَيْلِمة ذكرُ <الهَدَّار> هو بفتح الهاء وتشديد الدال‏:‏ ناحِيَة باليَمامَة كانَ بها مَوْلِدُ مُسَيْلِمَة‏.‏

‏{‏هدف‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <كانَ إذَا مَرَّ بِهَدَفٍ مائِلٍ أسْرَع المَشْيَ> الهَدَف‏:‏ كلُّ بِناء مُرْتَفِع مُشْرِف‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث أبي بكر <قال له ابْنُه عبدُ الرحمن. لقد أهْدَفْتَ لِي يَوْمَ بدْر فَضِفْتُ عنكَ، فقال أبو بكر: لَكِنَّك لو أهْدَفْتَ لِي لم أضِفْ عنك> يقال‏:‏ أهْدَف له الشيءُ واسْتَهْدَف، إذا دَنَا منه وانْتَصَب له مُسْتَقبِلا‏.‏ وَضِفْتُ عَنْك‏:‏ أي عَدَلْتُ ومِلْتُ‏.‏

ومنه حديث الزبير <قال لَعَمْرو بن العاص: لقد كُنْتَ أهْدَفْتَ لي يَومَ بَدْرٍ، ولكنِّي اسْتَبْقَيْتُك لِمثل هذا اليَوْم> وكان عبدُ الرحمن وعَمْرو يوْمَ بَدْر مع المشركين‏.‏

‏{‏هدل‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث ابن عباس <أعْطهم صَدَقَتَك وإن أتاك أهْدلُ (في ا:<أهدلَ> بالنصب‏)‏ الشَّفَتَيْن> الأهْدَل‏:‏ المُسْتَرْخِي الشَّفَة السُّفْلَى الغَليظُها‏.‏ أي وإن كان الآخِذُ أسْوَدَ حَبَشِيّاً أو زِنْجيّاً‏.‏

والضمير في <أعطِهم> لِلُولاةِ وأُولِي الأمْر‏.‏

ومنه حديث زِياد <أهْدَب أهْدَل>‏.‏

وفي حديث قُسّ <ورَوْضَة قد تَهَدَّل أغْصانُها> أي تَدَلَّت واسْتَرْخَت، لِثَقَلِها بالثَّمرة‏.‏

‏(‏س‏)‏ وحديث الأحنف <مِن ثِمارٍ مُتَهَدِّلَة>‏.‏

‏{‏هدم‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث بَيْعَة العَقَبة <بَلِ الدَّمَ الدَّمَ والهَدْمَ الهَدْمَ> يروَى بسكون الدال وفتحِها، فالهدَم بالتَّحريك‏:‏ القَبْرُ يَعْنِي إنّي أُقْبَرُ حَيْث تُقْبَرُون‏.‏ وقيل‏:‏ هو المَنْزِل‏:‏ أي مَنْزِلُكُم مَنْزِلي، كحَديثه الآخر <المَحْيَا مَحْياكُم والمَمات مَمَاتُكُم> أي لا أُفارِقُكُم والهَدْمُ بالسكون وبالفتح أيضا‏:‏ هو إهْدَارُ دَم القَتيل يقال‏:‏ دِمَاؤُهمْ بَيْنَهُمْ هَدْمٌ‏:‏ أي مُهْدَرَةٌ‏.‏ والمعنى إنْ طُلِبَ دَمُكُم فَقد طُلِبَ دَمِي، وإنْ أُهْدِر دَمُكُم فَقد أُهْدِرَ دَمِي، لاسْتِحْكامِ الأُلْفَةِ بَيْنَنا، وهو قولٌ مَعْروف لِلعَرَب، يَقُولون‏:‏ دَمِي دَمُك وهَدْمِي هَدْمُك، وذلك عِنْد المُعاهَدة والنُّصْرة‏.‏

وفي حديث الشُّهَدَاء <وصاحِبُ الهَدَم شَهِيد> الهَدَم بالتَّحريك‏:‏ البِنَاءُ المَهْدُوم، فَعَلٌ بِمَعْنى مَفْعُول‏.‏ وبالسُّكُون‏:‏ الفِعْل نَفْسُه‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث <منْ هَدم بُنْيانَ ربّه فهُو مَلْعُون> أي مَن قَتل النَّفْس المُحَرّمة، لأنَّها بُنْيانُ اللَّهِ وتَركيبُه‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث <أنه كان يَتَعَوَّذ مِن الأهْدَمَيْن> هو أن يَنْهَارَ عليه بِنَاء، أو يَقَعَ في بِئرٍ أو أُهْوِيَّة‏.‏ والأهْدَم‏:‏ أفْعَلُ من الهَدَم، وهو ما تَهَدَّم مِن نَواحِي البِئر فَسقَط فيها‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث عمر <وَقَفَتْ عليه عَجُوزٌ عَشَمَةٌ بأهْدام> الأهدام‏:‏ الأخْلاق من الثِّياب، واحِدُها‏:‏ هِدْم، بالكسر‏.‏ وهَدمْتُ الثَّوْب، إذا رَقَعْتَه‏.‏

ومنه حديث علي <لبسْنا أهْدَامَ البِلَى>‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفيه <من كانت الدُّنيا هَدَمَه (في الأصل <هَدْمه> بالسكون‏.‏ وضبطته بالتحريك من ا واللسان‏)‏ وسَدَمَه> أي بُغْيَتَه وشَهْوَتَه‏.‏ هكذا رواه بعضُهم والمحفُوظ <هَمّه وسَدَمَه>‏.‏

‏{‏هدن‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث الفِتْنَة <هُدْنَةٌ على دَخَنٍ> الهُدْنَة‏:‏ السُّكون‏.‏ والهُدْنَة‏:‏ الصُّلْح والمُوادَعَة بيْن المُسْلمين والكُفَّار، وبَيْن كُلِّ مُتَحارِبَيْن‏.‏ يقال‏:‏ هَدَنْتُ الرَّجُل وأهْدَنْتُه، إذا سَكَّنْتَه، وهَدَنَ هُوَ، يَتَعَدّى ولا يَتَعَدّى‏.‏ وهَادَنَه مُهادَنَة‏:‏ صَالحَه، والاسْم مِنْهُما‏:‏ الهُدْنَة‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث علي <عُمْيَاناً في غَيْب الهُدْنَة> أي لا يَعْرِفون ما في الفِتْنَة من الشَّرّ، ولا مَا في السكون من الخَيْر‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث سَلْمان <مَلْغَاةُ أوَّل اللَّيل مَهْدَنَةٌ لآخِره> مَعْناه إذا سَهِر أوّل اللَّيل وَلَغَا في الحديث لم يَسْتَيْقِظ في آخِره للتَّهَجُّد والصَّلاة، أي نَوْمُه آخِرَ اللَّيْلِ بِسَبب سَهَره في أوَّله‏.‏ والمَلْغَاة والمَهْدَنَة‏:‏ مَفْعَلَة، من اللَّغْو والهُدُونُ‏:‏ السُّكون‏:‏ أي مَظِنَّةٌ لَهُما‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث عثمان <جَبَاناً هِدَاناً> الهِدَانُ‏:‏ الأحْمَق الثَّقيل‏.‏

‏{‏هده‏}‏ ‏(‏س‏)‏ فيه <إذا كان بالهَدَة بين عُسْقانَ ومَكَّة( في ياقوت: بين مكة والطائف.>‏)‏ الهَدَة بالتَّخْفيف‏:‏ اسْمُ موضع بالحِجاز، والنِّسْبة إليه‏:‏ هَدَوِيٌّ، على غير قياس‏.‏ ومنْهُم من يُشَدِّد الدَّال‏.‏ فأمَّا الهَدَاة التَّي جاءت في ذكْر قتل عاصم، فقيل‏:‏ إنَّها غَيْرُ هذه‏.‏ وقيل‏:‏ هيَ هيَ‏.‏

‏{‏هدهد‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <جاء شيطانٌ إلى بِلال فجعل يُهَدْهِدُه كما يُهَدْهَدُ الصَّبيُّ> الهَدْهَدَة‏:‏ تَحْريكُ الأمِّ ولدَها لِيَنَامَ‏.‏

‏{‏هدا‏}‏ * في أسماء اللَّه تعالى <الهَادِي> هو الذَي بَصَّر عِبَادَه وعَرَّفَهُم طَريقَ مَعْرِفَتِه حتَّى أقّرُّوا بِرُبُوبيَّتِه، وهَدَى كُلَّ مَخْلُوق إلى ما لا بُدَّ له منه في بقائِه وَدَوامِ وجودِه‏.‏

وفيه <الَهدْيُ الصَّالح والسَّمْتُ الصَّالح جُزءٌ مِن خَمْسة وعِشْرين جُزْءاً من النُّبُوّة> الهَدْيُ‏:‏ السِّيرة والهَيئة والطَّريقَة‏.‏

ومَعْنى الحديث أنَّ هذه الخِلالَ من شَمائل الأنبياء ومِن جُمْلَة خِصَالِهم، وأنّها جُزء مَعْلُوم من أجزاء أفْعالهم وليس المعْنَى أنَّ النُّبُوة تَتَجزَّأ، ولا أنَّ مَن جَمَع هذه الخِلالَ كان فيه جُزءٌ من النُّبُوَّة، فإنَّ النُّبُوَّةَ غير مُكْتَسَبة ولا مُجتَلَبَةٍ بالأسْباب، وإنّما هي كرامَة من اللَّه تعالى‏.‏

ويجوز أن يكون أرادَ بالنُّبُوَّة ما جاءت به النُّبُوّة ودَعَت إليه، وتَخْصِيصُ هذا العددَ ممَّا يَسْتَأثر النبيُّ بمعرِفته‏.‏

ومنه الحديث <واهْدُوا هَدْيَ عَمَّار> أي سِيرُوا بِسِيرَته وتَهَيَّأُو بِهَيْئَته‏.‏ يقال‏:‏ هَدَى هَدْيَ فُلانٍ، إذا سَار بِسِيرَته‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث ابن مسعود <إنَّ أحْسَنَ الهَدْيِ هَدْيُ محمد>‏.‏

‏(‏ه‏)‏ والحديث الآخر <كنَّا نَنْظُر إلى هَدْيِهِ وَدَلِّه> وقد تكرر في الحديث‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفيه <أنه قال لِعليّ: سَلِ اللَّهَ الهُدَى> وفي رواية <قُلِ اللّهم اهْدِني وسَدِّدْني، واذكُر بالهُدى هِدايَتكَ الطّريقَ، وبالسَّداد تَسْديدَكَ السَّهْمَ> الهُدَى‏:‏ الرَّشاد والدّلالةُ، ويُؤَنث ويُذَكّر يُقال‏:‏ هَداه اللَّه لِلدِّين هُدىً‏.‏ وهَدَيْتُه

الطّريقَ وإلى الطّريق هِدايةً‏:‏ أي عَرَّفْتُه‏.‏ والمعنى إذا سألت اللَّه الهدى فأخْطِرْ بِقَلْبِك هِدايَة الطّريق، وسَلِ اللَّه الاسْتِقامَة فيه، كما تَتَحرَّاهُ في سُلوك الطّريق؛ لأنّ سالِكَ الفَلاة يَلْزَم الجادّة ولا يُقارِقُها، خَوفاً من الضّلال‏.‏ وكذلك الرَّامي إذا رَمَى شيئا سَدَّد السَّهْم نَحْوَه ليُصيبَه، فأخْطِرْ ذلك بِقَلْبِك لِيكون ما تَنْوِيه من الدُّعاء على شاكِلَة ما تَسْتَعمِله في الرَّمْي

ومنه الحديث <سُنَّةُ الخُلَفاء الرَّاشِدين المهْدِيِّين> المَهْدِيّ‏:‏ الذي قَدْ هَداه اللَّه إلى الحَقّ‏.‏

وقد اسْتُعْمِل في الأسماء حتى صار كالأسْماء الغالِبَة‏.‏ وبه سُمِّي المَهْديُّ الذي بَشَّر به رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أنه يَجيء في آخِر الزَّمان‏.‏ ويُريد بالخُلَفاء المَهْديِّين أبا بكر وعُمَر وعثمان وعليّاً، رضي اللَّه عنهم، وإن كان عامّاً في كُلّ من سارَ سَيرَتَهُم‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفيه <من هَدَى زُقاقاً كان له مِثْل عِتْق رَقَبَة> هُو مِنْ هِدَاية الطّريق‏:‏ أي من عَرَّف ضالاً أو ضَريراً طَرِقَه‏.‏

ويُروَى بتشديد الدَّال، إمَّا للمُبالَغة، من الهِداية، أو مِنَ الهَديَّة‏:‏ أي من تَصَدَّق بزقاقٍ من النَّخْل‏:‏ وهو السِّكَّة والصَّفُّ من أشْجارِه‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث طَهْفة <هَلَكَ الهَدِيُّ وماتَ الوَدِيُّ> الهَديُّ بالتشديد كالهَدْيِ بالتخفيف، وهو ما يُهْدَى إلى البَيْت الحَرام من النَّعَم لِتُنْحر، فأُطْلق على جَميع الإبِل وإن لم تَكُنْ هَدْياً، تَسْمِيَةً للشيء ببَعْضِه‏.‏ يُقال‏:‏ كَمْ هَدْيُ بَني فُلان‏؟‏ أي كَمْ إبِلُهُم‏.‏ أراد هَلَكَت الإبل ويَبِسَتِ النّخيل‏.‏

وقد تكرر ذكر <الهَدْي والهَدِيِّ> في الحديث فأهل الحجاز وبَنُو أسَدٍ يُخَفِّفُون، وتَيْم وسُفْلَى قَيْسٍ يُثَقِّلونَ‏.‏ وقد قرىء بهما‏.‏ وواحِد الهَدْيِ والهَدِيِّ‏:‏ هَدْيَةٌ وهَدِيَّة وجَمْعُ المخَفَّفِ‏:‏ أهْداء‏.‏

وفي حديث الجمعة <فكأنما أهْدَى دَجاجة، وكأنَّما أهْدَى بَيْضَة> الدَّجاجَة والبَيْضَة لَيْسَتا من الهَدْيِ، وإنَّما هو من الإبِل والبَقَر، وفي الغَنَم خِلافٌ فَهُو مَحْمول على حُكْم ما تَقَدَّمَه مِن الكلام؛ لأنه لمَّا قال <أهْدَى بدَنةَ وأهْدَى بَقَرةَ وشاة> أتْبَعَه بالدّجاجَة والبيْضة، كما تَقُول‏:‏ أكَلْتُ طَعاماً وشَراباً ، والأكْلُ يَخْتَصُّ بالطَّعام دُون الشّراب‏.‏ ومثْله قوْلُ الشاعر‏:‏

مُتَقَلِّداً سَيْفاً وَرُمْحاً ‏(‏صدره كما في الصحاح ‏(‏قلد‏)‏‏:‏* يا ليتَ زوجَكِ قد غَدَا*‏)‏*

والتّقَلُّد بالسَّيْف دُونَ الرُّمْح‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفيه <طَلَعَت هَوَادِي الخَيْل> يَعْني أوائِلَها‏.‏ والهادِي والهاديَة‏:‏ العُنُق؛ لأنَّها تَتَقدَّم على البَدَن، ولأنَّها تَهْدِي الجسَد‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث <قال لِضُباعَة: ابْعَثِي بها فإنَّها هادِيَةُ الشَّاةِ> يَعْني رَقَبَتَها‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <أنه خَرج في مَرَضه الذي ماتَ فيه يُهادَى بين رَجُلَين> أي يَمْشي بَيْنَهما مُعْتَمِداً عَلَيْهما، من ضَعْفه وتَمايُلِه، مِن تَهادَت المَرأةُ في مَشْيها، إذا تَمايَلَتْ‏.‏ وكُلُّ مَن فَعَل ذلك بأحَدٍ فهو يُهادِيه وقد تكرر في الحديث‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث محمد بن كعب <بَلَغَني أنّ عبد اللَّه بن أبي سَلِيط (في الأصل: <سُلَيْط> بضم ففتح وضبطته بفتح فكسر من ا، واللسان‏.‏ وانظر المشتبه 367‏.‏‏)‏ قال لعبد الرحمن بن زيد بن حارِثَة - وقد أخَّر صلاة الظُّهْرِ - أكانوا يُصَلُّون هذه الصلاةَ الساعَةَ‏؟‏ قال‏:‏ لا واللَّه، فما هَدَى ممَّا رَجَع> أي فما بَيَّن، وما جاء بِحُجَّةٍ مما أجابَ، إنما قال‏:‏ لا واللَّه، وسَكَتَ والمَرْجوع الجَواب، فلم يجيءْ بِجَواب فيه بَيانٌ وحُجَّة لِمَا فَعَلَ من تَأخِير الصلاة‏.‏

وهَدَى بمعْنَى بَيَّنَ لُغَة أهْل الغَوْر، يَقُولون‏:‏ هَدَيْتُ لَك بِمَعْنَى بَيَّنْتُ لَك ويُقال‏:‏ بِلُغَتِهم نَزَلَتْ <أوَلَم يَهْدِ لَهُم>‏.‏

 باب الهاء مع الذال

‏{‏هذب‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في سَريَّة عبد اللَّه بن جَحْش <إنّي أخْشَى عَلَيْكُم الطَّلَبَ فَهَذِّبوا> أي أسْرِعُوا السَّيْر يُقال‏:‏ هَذَبَ وهَذَّبَ وأهْذّبَ، إذا أسْرَعَ‏.‏

ومنه حديث أبي ذَر <فَجَعَل يُهَذّبُ الرُّكُوع> أي يُسْرع فيه ويُتَابعُه‏.‏

‏{‏هذذ‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث ابن مسعود <قال له رجُل: قَرَأتُ المُفَصَّلَ اللَّيْلَةَ، فقال: أهَذّاً كَهَذّ الشِعْر> أرادَ أتَهُذُّ القُرآن هذّاً فَتُسْرِع فيه كما تُسْرع في قِرَاءة الشِّعْر‏؟‏ والهَذُّ‏:‏ سُرْعَةُ القَطْعِ‏.‏ ونَصَبه على المَصْدرِ‏.‏

‏{‏هذر‏}‏ ‏(‏ه س‏)‏ في حديث أم مَعْبَد <لا نَزْرٌ ولا هَذَرٌ (في الأصل واللسان: <هَذْر> بالسكون‏.‏ وأثبتُّه بالتحريك من ا، ومما سبق في مادة ‏(‏نزر>> أي لا قليل ولا كَثيِر والهَذَر، بالتَّحريك‏:‏ الهَذَيَانُ، وقد هَذَرَ يَهْذِرُ ويَهْذُر هَذْراً بالسُّكون، فهو هَذِرٌ، وَهَذَارٌ ومِهْذَارٌ‏:‏ أي كَثير الكَلامِ والاسْمُ الهَذَر، بالتَّحريك‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث سَلْمان <مَلْغاةُ أوّل اللَّيلِ مَهْذَرةٌ لآخِره> هَكَذا جَاء في رِوَاية‏.‏ وهو من الهّذْر‏:‏ السُّكُون‏.‏ والروَايةُ بالنُّون‏.‏ وقد تقدّم ‏(‏انظر ‏(‏هدن>

وفي حديث أبي هريرة <ما شَبِع رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم مِن الكِسَر اليابِسَة حتَّى فارَقَ الدُّنْيا، وقد أصْبَحْتم تَهْذِروُون الدُّنيا> أي تَتَوَسَّعُون فيها‏.‏ قال الخطّابي‏:‏ يُرِيد تَبْذِيرَ المَال وتَفْريقَهُ في كلِّ وَجْه‏.‏

ورُوِي <تَهُذُون الدنيا> وهو أشْبَه بالصَّواب‏.‏ يعني تَقْتَطِعُونَها إلى أنْفُسِكم وتَجْمَعُونَها، أو تُسْرِعُون إنْفاقَها‏.‏

وفيه <لا تَتَزَوَّجَنَّ هَيْذَرَةً> هي الكَثيرة الهَذَرِ مِن الكلام‏.‏ والياء ‏(‏في الأصل، وا، واللسان‏:‏ <والميم> ولا ميم هنا والزائد هو الياء، كما أشار مصحح الأصل‏)‏ زائدة‏.‏

‏{‏هذرم‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث ابن عباس <لأَنْ أقْرَأ القُرآن في ثلاثٍ أحَبُّ إليّ من أنْ أقْرأه في ليلةٍ كما تَقْرَأ (في الأصل: <يُقْرأ> وأثبتُّ ما في ا، والنسخة 517‏.‏ وفي اللسان‏:‏ <تقول>‏.‏‏)‏هَذْرَمَةً>‏.‏

وفي رِوَاية <قِيلَ له: اقْرَأ القُرآن في ثلاثٍ، فقال: لأنْ أقْرَأ البَقَرةَ في لَيْلةٍ فادّبّرَها أحَبُّ إليَّ مِن أن أقْرأ كما تَقُول هّذْرَمَةً> والهَذْرَمَةُ‏:‏ السُّرْعَةُ

في الكلام والمَشْي‏.‏ ويُقال للتَّخْليط‏:‏ هَذْرَمَةٌ‏.‏

وأخرج الهَروي حديث أبي هريرة <وقد أصْبَحْتمْ تُهَذْرِمُون الدُّنيا> وقال‏:‏ أي تَتَوَسَّعون فيها‏.‏ ومنه هَذْرَمةُ الكلام، وهُو الإكْثارُ والتّوسُّع فيه‏.‏

‏{‏هذم‏}‏ ‏(‏س‏)‏ فيه <كُلْ ممَّا يَليك ، وإيّاك والهَذْمَ> كذا رواه بعضهم بالذال المعجمة، وهو سُرْعَةُ الأكْلِ‏.‏ والهَيْذَامُ‏:‏ الأكُولُ‏.‏ قال أبو موسى‏:‏ أظُنُّ الصَّحيحَ بالدَّال المُهْمَلةَ، يُريدُ به الأكْل مِن جَوانِب القَصْعَة دُونَ وسَطِها، وهُو من الهَدَمِ‏:‏ ما تَهَدَّم من نَواحي البئر‏.‏